نشست علمی «خطاب الامامة: نموذج معرفی فی التقریب و الوحدة الاسلامیة»برگزار شد
نشست علمی با عنوان «خطاب الامامة: نموذج معرفی فی التقریب و الوحدة الاسلامیة» روز چهارشنبه ۶ شعبان المعظم ۱۴۴۶ (۱۷ بهمن ۱۴۰۳) در حوزه علمیه امامین صادقین علیهماالسلام شهر بصره با همکاری جامعة المصطفی العالمیة و بنیاد بینالمللی امامت برگزار شد.
در این نشست، که با حضور اساتید برجسته و پژوهشگران حوزه دین همراه بود، دکتر محمدتقی سبحانی، دکتر مرتضی علیزاده و دکتر محمدعلی میرزایی بهعنوان سخنرانان اصلی، به بررسی نقش امامت در تقریب مذاهب اسلامی و راهکارهای کاهش اختلافات مذهبی پرداختند.
در ادامه مشروح بیانات استاد محمدتقی سبحانی در این نشست را می خوانید:
نظریه التقریب بین المذاهب الاسلامیة و مسالة الامامة
تعدّ مسألة الاختلافات والانقسامات الدينية ۱والسياسية والقومية إحدى الإشكاليات العويصة التي تواجه الدين الإسلامي في عصرنا الراهن، وقد انبرى عدد كبير من المفكرين والمصلحين لوضع حلول مختلفة لرأب هذا الصدع ومعالجة هذا الجرح النازف في جسد الأمة الإسلامية. وعلى الرغم من أنّ كلّ واحد من هذه الجهود الكبيرة والمساعي الحثيثة أثمر عن نتائج محدودة وذات نطاق ضيّق، وعلى الأقلّ أسهمت بنوعٍ ما في الحدّ من اتّساع دائرة هذا الصدع الخطير، لكنّها جميعًا- وكما هو واضح- أخفقت في إيجاد حلٍّ لهذه الإشكالية، ولم تفلح في فتح بوادر أمل في أفق العلاقات بين مكونات العالم الإسلامي، بل ربما يمكن القول: ما زالت الظلال القاتمة للحرب والصراع والفوضى تخيّم على المجتمعات الإسلامية. ومن هنا، يبقى هذا السؤال يدور في الأذهان ويُطرح هنا وهناك: أوَ يمكن تصور سبيل واضح لحلّ النزاعات والصراعات الدائرة في العالم الإسلامي؟
للردّ على هذا التساؤل، لا بدّ من الرجوع قليلًا إلى الماضي، والتأمّل في السياسات والتوجهات والتجارب الناجحة والفاشلة؛ للخروج بفكرة مفيدة بشأن المستقبل.
إنّ ما يمكن قوله إجمالًا هو أنّ رؤية المصلحين لحلّ هذه المعضلة في غضون القرون الثلاثة المنصرمة وفي مستهلّ هذا المسار كانت في الغالب من زاوية واحدة وسطحية، وفي معظمها ذات توجه سياسي، دون التفات منها إلى عمق إلى هذه الكارثة
وربما يمكن مشاهدة أولَ مثال للحلول في هذا المضمار في تقريب الملك الإيراني نادر شاه، وأفضلَ نموذج لهذا الفكر في نظرية الأمة الواحدة للسيد جمال الدين الأسدآبادي .
ولم يكن هذا التوجه السياسي يتجاهل عمق الانقسام الفكري والثقافي في العالم الإسلامي وحسب، بل كان يتغافل عن التعقيدات الطارئة على الصعيد السياسي أيضًا. وعليه، ثمّة عاملان رئيسان أسفرا عن سلب فرصة التدبّر الدقيق والتفكر العميق من أصحاب هذه الرؤية لمعالجة هذه المشكلة الكبرى، الأول عبارة عن التطلعات الوحدوية الجذابة في هذا الفكر، والثاني هو مشكلة تخلّف المسلمين وتحديات العالم الإسلامي في مواجهة العصر الجديد.
وعلى الرغم من الوهج الأولي لهذا النهج الذي عُرف باسم مشروع الاتحاد الإسلامي، لكنّه ما لبث أن انطفأ نوره وقُضي عليه في مهده في الدهاليز السياسية للمسؤولين الحكوميين العثمانيين والقاجار .
وإلى جانب هذا التوجه السياسي، ينبغي الحديث عن الآراء التي نزّلت مسألة التفرقة بين المسلمين إلى أمر اجتماعي، وأضحت تتوقع الوحدة والتآلف الحقيقي بين أبناء الأمة الإسلامية وطيّ صفحة الاختلافات الدينية والمذهبية عبر الدعوة إلى التعايش الاجتماعي. فصحيح أنّ هذه الرؤية تصبّ ماء المحبة والإنسانية على نار الحقد والعصبية، وتذكّر بسيرة أئمة الدين في التعايش والاندماج مع الآخرين، بيد أنّ مشكلتها الأساسية تكمن في الإغضاء عن جرح قديم، والتعاطي مع ظاهرة معقدة
وذات وجوه شتّى كمسألة ذات أبعاد بسيطة.
وفي مقابل هاتين الرؤيتين، يجب الإشارة إلى آراء أخرى أيضًا، تبحث عن وحدة الأمة الإسلامية فيما وراء السياسة والمجتمع والأخلاق، أي في أسسها الثقافية والفكرية، وترى مفاتيح الحلّ الجذري لهذا النزاع في الأسس النظرية والمعرفية.
وفي هذا السياق، نواجه مجموعة من الطروحات وطائفة من المقترحات، يتّفق بعضها مع البعض الآخر تارة، ويقاطع بعضها بعضًا تارة أخرى.
في هذه الطائفة الثالثة، هناك من ذهب إلى أنّ ينبغي قطع دابر الجذور الدينية والمعرفية للاختلافات من الأساس، ولا بدّ من جعل الإسلام فوق المذاهب، والتأكيد على القواسم الإسلامية المشتركة بوصفها نقطة ارتكاز دينية، من خلال الإغماض والتغافل أو الإنكار والتقابل تجاه الجذور المذكورة. وقد يدّعي هؤلاء أحيانًا أنّ الاختلافات بين المذاهب الإسلامية من القلّة بحيث يمكن الإغضاء عنها، ولا بدّ من تنحية الأمور المسبّبة للتشتّت والمثيرة للصراع نحو موضوع الإمامة، ولطالما شددوا على أنّ الأمة الإسلامية في هذه الأجواء قادرة على السير بسلام وسكون في طريق التديّن ونشر الدين الإسلامي.
على أنّ هذا العرض- الذي له سابقة خطيرة في السنّة الإسلامية تعود إلى نهضة البترية أو الإرجاء الشيعي في القرن الهجري الثاني- يعاني من إشكالين أساسيين، فمن جهةٍ يتعارض مع حقيقة المذاهب ومرتبتها وعمق نشوئها وتبلورها في التاريخ الإسلامي، فلا يخفى أنّ مثل هذه المقترحات والعروض لا تجد لها آذانًا صاغيةً في حالات التشرذم المذهبي والانقسام السياسي في العالم الإسلامي. ومن جهةٍ أخرى، لا يحظى هذا المقترح بالرصانة والمتانة اللازمة من الناحية النظرية أيضًا؛ لأنّه يَفترض مسبقًا إمكان التوصل إلى إسلام من دون مذاهب في الوجود الخارجي بمعزلٍ عن تفسير المذاهب الإسلامية للنصوص الوحيانية وفهمها لها، والحال أنّه من الواضح أنّ كلّ واحد من من هذه المذاهب ما هو إلا تفسير وفهم خاصّ للمصادر الإسلامية، وأيّ تفسير وفهم آخر لها عبارة عن مذهب آخر إزاء تلك المذاهب.
ولربما من هذا المنطلق ظهرت طوائف وفئات أخرى في هذا الاتجاه المعرفي، لم تنكر الأسس بقدر ما عمدت إلى إعادة تفسيرها وقراءتها، فقدّمت قراءة جديدة لأصل الاختلافات المذهبية في سبيل الجمع بين الآراء والأقوال المختلفة. على سبيل المثال، وافق بعضهم على عوامل اختلاف المسلمين في أصل الإمامة والولاية، وذهبوا إلى لزوم التمييز بين الخلافة السياسية والإمامة الدينية، فأكدوا على أنّ حلّ النزاع يكون عن طريق اعتراف أهل السنّة بالإمامة الدينية لأهل البيت (عليهم السلام) وتخلي الشيعة عن القول بالإمامة السياسية للأئمة الأطهار (عليهم السلام). مع أنّ هذا التقرير للتقريب ذو تاريخ عريق في السنّة الإسلامية وفي طوائف الصوفية من أهل السنّة، فقد تبنّاه في عصرنا الحالي علماء من قبيل الشيخ محمد صالح الحائري المازندراني في إيران، وجماعة من طوائف المسلمين المختلفة ممن قالوا بالجمع بين التسنّن في الخلافة والتشيع في الإمامة. لكن لا يخفى أنّ هذا الأمر في حدّ ذاته ليس بمقدوره إرغام الشيعة وأهل السنّة على التراجع عن مدّعياتهم الأساسية.
ولعلّ أفضل مقترح في هذا الصدد هو الخطة الذكية التي أطلقها المرجع الشيعي الكبير، آية الله العظمى البروجردي، التي اعتبر فيها المرجعية العلمية لأهل البيت (عليهم السلام) مرتكزًا ومعوّلًا لجميع الفرق والمذاهب الإسلامية. ولم تقتصر هذه الخطة على تطبيق الوحدة الإسلامية في جميع الأبعاد السياسية والاجتماعية وحسب، بل أتاحت طرق عملية وإيجابية أمام التعامل والتواصل بين علماء المسلمين أيضًا. وعلى هذا الأساس، أمسى المسلمون قادرين على التوصل إلى فهم مشترك ومنسجم للإسلام اعتمادًا على هذه الجوهرة الثمينة بمعية القرآن الكريم، ومن ثم إرواء غليلهم والانتهال من هذا النبع الصافي بدلًا من التمسك بالمصادر الكثيرة غير الموثوقة.
لكنّ هذا الحلّ أيضًا واجه تحديات مختلفة، لا بدّ من تجاوزها والعبور بسلام، فأول سؤال يُطرح في هذا الصدد هو: ما حدود التعويل على المرجعية العلمية لأهل البيت (عليهم السلام)؟ فهل ينحصر دور المرجعية في بيان الأحكام الفقهية والفروع العلمية فقط، أم ينبغي الرجوع إليها في باب أصول كالتوحيد والمعاد والنبوة والإمامة أيضًا؟ إن كان الأول فلا دليل على هذا الانحصار والتقييد لمرجعية أهل البيت (عليهم السلام)، وإن كان الثاني عادت النقاشات والإشكالات المتقدمة، ولم يعد بمقدور مرجعية أهل البيت (عليهم السلام) حلّ الإشكاليات التي تواجه الأمة الإسلامية.
السؤال الثاني الذي يطرح نفسه في هذا الخصوص هو أنّ الفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة التي وافقت على اعتبار أهل البيت (عليه السلام) مرجعًا ومصدرًا مشتركًا، هل رفعت يدها حقًّا عن مصادرها الخاصّة في فهم الدين، وتمسكت بحبل الثقلين فقط؟ أم إنّها ما زالت ملتزمة بالإجماع وعدالة الصحابة والقياس والاستحسان كطرق لاستكشاف الحقائق الدينية؟ فإن كانت مثل هذه المصادر ما زالت معتمَدة ومعدودة من مصادر المعرفة لديهم، أوَ يمكن الإبقاء على أمل بتحقيق الوحدة بين المسلمين؟
السؤال الثالث في هذا المضمار هو: عند القبول بمصدرية أهل البيت (عليهم السلام) واعتبارهم المصدر الوحيد للمعرفة، هل التراث المنسوب إليهم مشترك بين جميع الفرق الإسلامية مصداقًا؟ وإن فُرض أنّ كل فرقة تتشبث بالتراث الموجود لديها لأهل البيت (عليهم السلام)، هل يمكن أن نتوقع زوال الاختلاف وحصول الوفاق؟
والأهمّ من ذلك لزوم أن نتساءل: ما الذي ينبغي أن نفعله بعوامل الاختلافات المذهبية ومناشئ التجاذبات الدينية؟ وكيف يجب أن نتعامل مع التفاسير التي تؤول أحيانًا إلى التكفير والابتداع والضلالة؟
إنّ الإشكال المشترك بين جميع التوجهات والمقاربات المذكورة هو أنّها لا تضع حلولًا للبؤر المثيرة للخلاف، وتتجاهل المطبّات الخطيرة الناجمة عن التأويلات والتفسيرات المختلفة للقرآن والحديث والتاريخ والعقل الإسلامي.
من هنا، وفي ضوء الإشكالات والتحديات المذكورة، برزت بعض الآراء لإيجاد حلول أخرى، وعملت على اتّخاذ تدابير مناسبة لردم هذه الهوّة، ولا ريب في أنّ مجرد الاستناد إلى التراث المشترك من دون إيقاف هذا الفهم الخاطئ سوف لن يجدي نفعًا أيضًا. ولا بدّ أن ندرج في هذا السياق شخصيات من قبيل السيد عبد الحسين شرف الدين، والشيخ حسين كاشف الغطاء، والسيد مرتضى العسكري، والسيد محمد باقر الصدر
فعملنا فی استعراض هذه النظریة على الفرز بين ثلاثة مقولات وموضوعات متغايرة و- في الوقت نفسه- مرتبطة ببعضها، مشددة على أنّ «اتّحاد الأمة الإسلامية» و «التعايش الاجتماعي بين المسملين » و «التقريب بين المذاهب الإسلامية»، تشكل الأركان الثلاثة الأساسية في مشروع الوحدة الإسلامية، وعلى الرغم من لزوم تواجد هذه الأركان جنبًا إلى جنبٍ، إلا أنّ كلّ واحد من العناوين المذكورة يمثل مقولة ومسألة من فصلة، لا ينبغي الخلط بينها وبين المسائل الأخرى. على أنّ هذا التمييز بين تلك المفاهيم يتيح لنا التعرف بصورة صحيحة على المبادئ التنفيذية للوحدة، ووضع كلّ واحد منها في موضعه المناسب. فبينما يعدّ الاتحاد بين المسلمين مشروعًا لتعزيز التعاون والتواصل بين الدول والقوى السياسية والاقتصادية المختلفة، يعتبر التعايش السلمي منهجًا اجتماعيًّا لخفض مستوى التوتر بين المسلمين، وخلق أجواء إيجابية لحياة أخويّة مقرونة بالتسامح الأخلاقي والسلوكي، وأما موضوع التقريب بين المذاهب فيسعى إلى إيجاد مناخ يتيح للعلماء والنخب الدينية في المذاهب الإسلامية إجراء حوارات علمية ومنهجية بصورة هادفة في ظلّ العقلانية والقيم الأخلاقية.
وحيث إنّ البُعد المعرفي لا بدّ أن يشقّ طريقه إلى مشروع الوحدة الإسلامية، لا تكتفي هذه النظرية بتضمين الأبعاد المعرفية للاختلافات في صلب دائرة الوحدة الإسلامية فقط، بل تعتبرها جزءًا لا يتجزأ منها.
ولقد أثبتت هذه النظرية أنّ عدم الاهتمام بهذه العوامل يؤدّي إلى استمرار سوء الفهم لمعتقدات الآخرين وسلوكياتهم، وهو ما يشكل بؤرة الصراع والاختلاف، وإن شوهد انسجام ظاهري بين أتباع المذاهب المختلفة. كما أنّ هذا المنحى بصدد خلق انطباع لدى المذاهب الإسلامية مفاده صعوبة تحقيق التعاطف والتفاهم الفكري، ومن ثم التعاون والتواكب، في ضوء تراكم سوء الفهم والخلافات التاريخية.
والمقترح الجوهري لهذه النظرية هو التباحث بشأن أهمّ عوامل الاختلاف والصراع بين الفرق والمذاهب الإسلامية عن طريق الحوارات العلمائية بعيدًا عن ضجيج العوام؛ وذلك من أجل التقليل من التصورات الخاطئة والتوترات في باب عقائد الطرف الآخر، والتوصل إلى إدراك أفضل للمواقف بعد فهم أدلة كلّ مدّعى. وقد أثبتت التجارب أنّ حوارات الطاولة المستديرة تفضي إلى نزع غبار الأوهام والتكفير والاستعداد للإصغاء والتفكير.
وليس بخفيّ أنّ الإمامة تشكل أهمّ محاور الخلاف الشيعي- السنّي على مرّ التاريخ الإسلامي، فيمكن لخطاب الإمامة أن يكون محورًا لحوارات هادفة في هذا الإطار، وعن طريق ذلك تدخل سائر المباحث الخلافية إلى طاولة الحوار والنقاش، فتصبح الإمامة محورًا للوحدة والحركة العامة صوب حلّ المسائل العالقة بين الأطراف المتحاورة.
لكن وكما هو واضح، ليس بوسع نظرية بمفردها إصلاح الطريق الذي جرى العمل على تدميره لأسباب وعوامل مختلفة. ومن هنا، فامتلاك أنساق عملية، وصياغة استراتيجيات وسياسات مرحلية، وإدارة الأنماط والنماذج الملائمة للأوضاع الثقافية والاجتماعية، كلّ ذلك يعدّ أعظم رصيد لمتابعة هذا المشروع على الصعيد العملي وفي ميدان العمل.
و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته